مصر ''المقطوعة'' تعلن القطيعة متأخرة : بينما قاطعهم الجزائريون منذ سنوات لصالح السوريين والمغاربة


أرادها المصريون حربا على كل الأصعدة، فقط لأن فريقهم انهزم. ورغم الكلام الذي لم ينقطع على قنواتهم، إلا أنهم لم يقدموا دليلا واضحا أو حقيقيا عن الاعتداءات الجزائرية، ولم يخدش ولو مصري واحد. ومن منطلق الحرب، أعلنت مصر القطيعة الفنية والثقافية مع الجزائر، وخرج فنانوها عن الآداب وروح الفن
التي كثيرا ما تشدقوا بها، وهاهي الجزائر التي كرمتهم يرد جميلها بالإهانة والاتهام بالبربرية والعنف و''البلطجة''.
أصيب الكثير من الجزائريين بالذهول والاستغراب من التصريحات التي خرج بها بعض المصريين ممن ظنناهم فنانين، لأن الفن في حقيقة الأمر ينأى عن هذه التفاهات، فهو أرقى من التشدق بالكلام الخارج عن الأخلاق المتعارف عليها بوصفهم للجزائريين بكل الصفات القبيحة، والجزائر التي فتحت لهم ذراعيها وكرمتهم، بل منهم من لم يكرم حتى في بلده، ووضعوا كل أنواع السيناريوهات للمساس بكرامة وتاريخ الجزائر الفني والثقافي، تحركهم عقدة التفوق من جهة والإحساس بالنقص من الشعب الجزائري، الذي لم يفتخر يوما بما أنجز، رغم أنه البلد الوحيد الذي أهدى العالم العربي السعفة الذهبية بمهرجان ''كان''، عن فيلم لخضر حامينا ''وقائع سنين الجمر''، ويصنع مخرجوه اليوم أروع الأفلام عالميا، منهم رشيد بوشارب وسالم الياس، صاحب رائعة ''مسخرة''، التي أهدت الجزائر عشرات الجوائز، كما أن الموسيقى الجزائرية أصبحت عالمية من خلال أغنية الراي والفناوي وغيرها من الطبوع.
هؤلاء من كرّمناهم
لم يخف المصريون غلّهم حتى في ظروف كان يجب أن يرقى فيها الفن على مشاعر الغضب والوطنية الزائدة، حيث تحوّل مهرجان القاهرة الذي كان من المقرر أن يخصص لتكريم الجزائر إلى منبر للتنديد بالجزائريين، الذين وصفوا بالبلطجية، وإهداء الجوائز للضحايا الوهميين الذين لم يقعوا إلا في أفلامهم الخيالية بالسودان. وقد همّش الجزائريون في الحفل الاختتامي وسحب التكريم من راشدي، بل لم يتوقف الأمر عند هذا، بل أعقبته تصريحات مخجلة للعديد منهم مثل يوسف شعبان الذي قال ''لا يشرفني تكريم الجزائر''، والآخر منير شريف الذي سيعيد جائزة مهرجان الفيلم العربي بوهران للسفارة الجزائرية، بينما وصف مجدي كامل مشجعي الجزائر بـ''الهمج''، مضيفا: ''هؤلاء بشر غير محترمين، رأيتهم يمسكون سكاكين وأسلحة بيضاء، وأؤكد على أن حقنا لن يضيع'' وتابع ''أريد حقي وحق بلدي وحق رمزي وحق رجالي وحق منتخبي''.
هؤلاء هم من كرمناهم ورفعنا شأنهم، بينما لم نسمع عن أي مهرجان عالمي كرمهم، وهم يحسبون أنفسهم ممثلين عالميين، ويكفينا أن يسمع الآخرون بالسينما الجزائرية التي بهرت العالم في عدة أفلام ولا زالت.
هؤلاء الذين استأجرنا لأجلهم سيارات ''بي أم'' وأسكناهم فنادق 5 نجوم، هاهم يتطاولون على بلد المليون والنصف مليون شهيد، دون اعتبار لأي شيء، وما يضحك في كل القضية أنهم يعتقدون أن الجزائريين لا ينامون إلا على صورهم ولا يفقهون إلا أفلامهم، فأعلن د.أشرف زكي نقيب الفنانين عن مقاطعة النقابة لأي شكل من أشكال التعاون مع الجزائر، قائلا: نقاطع أي مهرجانات تقام علي أرض الجزائر وعدم التعامل مع الفنانين الجزائريين.
الجزائريون قاطعوكم منذ وقت طويل
إن كان الفنانون المصريون يظنون فعلا أنهم بمقاطعتهم الجزائر، سيحرمون الجمهور الجزائري من أفلام الكاباريهات والخمر والعصابات ومسلسلات ''بحبك'' و''عايز اتجوزك يا مزة''، فإن الجمهور الجزائري، قد طلّق الدراما والسينما المصرية منذ وقت طويل، خاصة بعد ظهور الدراما السورية التي حفظت أخلاق الجزائريين وعاداتهم وتقاليدهم وربطتهم بالواقع العربي، من الناحية المعالجة الدرامية والواقعية التي تتسم بها، بينما تتميز الدراما المصرية بالوهم وقصص الغرام في ''فيلات الزمالك''، بينما يعيش الشعب المصري الفقر والعوز.
وقد خسرت الدراما المصرية الجمهور في المغرب العربي ككل، أمام الدراما السورية ونجومها، حيث أصبحت أقوى شركات الإنتاج بمصر، تستعين بهم لجلب المشاهد العربي، كما ظهرت الدراما التركية التي سحبت ما بقي من البساط من تحت المصريين، وبعد كل هذا يأتي المصريون ليعلنوا المقاطعة، وكأنهم يمنّون على الشعوب العربية بإنتاجهم التلفزيوني وهم الذين يعيش 20 بالمائة منهم، من التمثيل والسينما، فمن سيمنّ على الآخر، الذي يدفع ليشاهد أم الذي يعمل ليشاهده من يدفع؟
يكفينا الكينغ وكاظم الساهر وأصالة
كم هو مضحك قرار نقابة الموسيقيين المصرية، بمنع مطربيها من الغناء في الجزائر. وكأن الجزائريين لا ينامون إلا على أنغامهم، ولا يعلم الكثيرون في مصر أن الجزائري خاصة من الشباب الحالي، قد انفصل عن الجانب المصري منذ وقت طويل، وإن كان ما زال يهتم بالأغنية الشرقية، التي لا تنافس أبدا الغناء المحلي، الذي أصبح عالميا، كأغنية الراي أو أغنية الشعبي والشاوية والقبائلي، فارتباطه بالأغنية الشرقية، لا يمثل ارتباطه بالغناء المصري، ما عدا عمالقة الغناء وإحداهم ابنة الجزائر البارة وردة. بينما يرتبط الكثير من الجزائريين بعملاق الأغنية كاظم الساهر وجورج وسوف وأصالة وديانا حداد وصابر الرباعي، لطيفة والجسمي وكلها أسماء عربية كبيرة، لا علاقة لها بمصر. فعلى المصريين أن يعيدوا حساباتهم، لأنهم يخسرون مكانتهم كل يوم معركة وفي كل المجالات، بسبب تعاليهم وظنهم دائما أنهم الأحسن، فبقوا في أرذل المراتب، بينما تقدّم غيرهم. والدليل على ذلك أن أغنية الراي أصبحت عالمية، حيث سبق أن ألهب الشاب خالد السوق المصرية يوما بأغنية ''ادي ايدي''، وإن كانت مصر تملك طابعا غنائيا واحدا، فإن الجزائر بموروثها الفني والثقافي، يملك جمهورها أكثر من اختيار فني، بالإضافة إلى تفتحه على الموسيقى العالمية ''الراب'' و''أر أن بي'' وغيرها.

1 تعليقات حول الموضوح:

الحاج يقول...

المصريون يعتقدون ان الجزائريين يحبون مسلسلاتهم الفاضحة و الفاجرة
الممثلون و الفنانون المصريون يريدون مقاطعة الجزائر التي قاطعتهم منذ عشرات السنين ...
يوجد آلاف الفنانين العرب في سوريا و لبنان و تونس و المغرب و الخيج و غيرهم ...
لا نريد الرقاصات المصريات على الشاشات العربية

إرسال تعليق