لم يُحزِننا الشتم والسب الذي صُبّ على الجزائر من القاهرة، ولم تؤلمنا التصريحات النارية والتهجمات الشرسة لأكثـر من متحدث مصري عبر القنوات التلفزية الفضائية. كما أنه لم تغضبنا تلك الأكاذيب التي تمت ''فبركتها'' في مخابر جمال وعلاء مبارك وأريد زورا وبهتانا تلفيقها للجزائريين ومن باب ''معزة ولو طارت''.
ما أزعجني حقا، أن مصر غيّب فيها صوت الفكر والحكمة والتعقل واختيرت لها وجوه لشتم الجزائريين ودولتهم، للأسف الشديد لا تشرف مصر ولا تعكس قيمتها. أبعد من هذا، لولا معرفتنا السابقة بشعب مصر الذي يكدح يوميا ويتصبب عرقا من أجل تعمير بلاده، لقلنا من أين جاء ''عالم الزبالة'' الذي تنفثه الفضائيات الخاصة التي بنيت من امتصاص جهود المصريين الشرفاء في الصعيد، بور سعيد، أسيوط، الإسكندرية وغيرها.
لن نقول هذه المرة ما قاله حمزة، عمّ الرسول، في غزوة بدر ''أخرجوا لنا شجعانكم''، لأننا لا نرى أبدا أن ما دار حول مباراة كرة القدم يستحق كل هذا الحبر الذي أسالته وسائل الإعلام، وكل تلك الشتائم والأكاذيب التي ألصقت بالجزائر دولة وشعبا، ولكن نقول لكم ''أخرجوا لنا عقلاءكم من المفكرين'' حتى يكون هناك تراشق بالأفكار والحجج والاحتكام إلى لغة الحق والضمير، وذلك حتى لا نخطئ ونحكم على مصر الحضارة، من خلال عالم ''الزبالة'' الذي يقدم في ''وجبات'' الإعلام التلفزيوني المصري، على أنه وجه مصر في الألفية الثالثة.
نطلب بإلحاح من نخب مصر الحقيقية، وليس المزيفة المصنوعة في مخابر جمال وعلاء مبارك، أن تُسمع صوتها وموقفها وسنكون جد سعداء بفتح آذاننا لسماعه، حتى وإن لم ينصف الجزائر، وذلك محبة في مصر، لأن الذين سمعناهم منذ بداية هذا السجال الرياضي إلى اليوم، يعطون صورة على أن القاهرة بلد فيها فقط المجاري القذرة والعهر وليست الأرض التي أنجبت جمال عبد الناصر والعقاد وطه حسين وسيد درويش وفؤاد نجم.. وغيرهم كثيرون. فهل عقرت مصر إلى هذه الدرجة ولم تعد قادرة على إنجاب من يحافظون على ثقلها وسمعتها وتاريخها، وسلمت أمرها لفنانات الكباري ومغنيات الفيديو كليب وخريجي شارع الهرم للتحدث والدفاع عن كرامة مصر.
إن حدث وأهان الجزائريون أنصار الفريق المصري لكرة القدم أو تعدوا عليهم، فإنه مثلما نقول في الجزائر ''حجرة من عند الحبيب تفاحة''، لكن يا للأسف رد فعل المصريين لم يكن في مستوى ''الطير الحر.. لي ما يتخبطش''.
h-slimane@hotmail.com
0 تعليقات حول الموضوح:
إرسال تعليق