اعتلت حالة ''التأسي'' و ''الحسرة'' ملامح الرقيب عمر مفعاش الذي اعتبر الإعلام المصري ''ناكر خير'' بعدما تغاضى عن الدور الجزائري المهم خلال حرب 1973 وراح يتحامل على تاريخ الثورة الجزائرية ويستهزئ بماضي البلاد وبشهداء حرب التحرير.
لم يجد الرقيب عمر مفعاش، الذي شارك في الحرب برتبة رقيب، وسيلة للرد عن التحامل المصري الرسمي والذي تناسى في لحظة ''هيجان إعلامي'' ماضيه القريب، سوى الرد على اتهاماتهم بتذكيرهم بدور وفضل القوات الجزائرية خلال حرب 1973 التي ظلت تشكل أهم مراحل تاريخ مصر المعاصر.
يذكر محدثنا، في لقاء خاص مع ''الخبر''، أن اللواء الثامن المدرع، تلقى يوم 8 أكتوبر 1973 أوامر بالتحرك صوب مصر والانخراط في الحرب الدائرة بين القوات العربية والإسرائيلية. انطلقت الوحدة العسكرية المكوّنة حينها من 3119 مقاتل، بينهم 192 ضابط و812 ضابط صف،
و 128 مدرعة و12 مدفع ميدان و16 مضادة طائرة وكذا 4 أسراب طائرات من مدينة التلاغمة شرقي البلاد مباشرة إلى العاصمة المصرية القاهرة. حيث تلقت حينها أوامر صارمة: ''إما النصر أو الاستشهاد'' حيث يذكر محدثنا، والذي كان حينها لا يتعدى سنّ الواحدة والعشرين ربيعا: ''كانت تمتلكنا رغبة واحدة تتمثل في رد الاعتبار واستعادة شرف الأمة العربية أمام طغيان الجيوش الإسرائيلية''.
وبالوصول إلى القاهرة تلقت القوات الجزائرية أولى المفاجآت بعدما لاحظت بداية انسحاب بعض الوحدات القتالية المصرية. كما اكتشفوا أن المسافة الفاصلة بين القوات المصرية والإسرائيلية كانت تبلغ حوالي ثلاث كيلومترات. وهي المسافة التي استغلها الإسرائيليون، الذين كانوا يعدون من بين قادتهم حينها الجنرال أريان شارون، في خلق بعض الثغرات التي سدتها القوات الجزائرية بكل بسالة. وعلّق أحد الضباط المصريين الذين شهدوا فضل الجزائريين قائلا: ''حلّ علينا خبر وصول الجيوش الجزائرية كخبر نزول الغيث''. واستطاع اللواء الثامن المدرع من كسب حرب المواقع والاستحواذ على عديد النقاط المهمة والدخول في معارك شرسة مع الجانب الإسرائيلي على الجهة الغربية من قناة السويس.
دبابات ''أم كلثوم'' وليلة سقوط الضباط الإسرائيليين
إحدى الملاحظات التي التمسها الرقيب عمر مفعاش، خلال حرب 1973، تتمثل في حالة ''عدم المبالاة'' التي كانت تصدر عن المقاتلين المصريين، حيث لاحظهم محدثنا، عبر أكثر من صعيد، مستمتعين داخل الدبابات بموسيقى ''الست أم كلثوم''. حيث يقول: ''لا نخفي حقيقة أن المصريين كانوا يمتلكون جيشا ولكنهم كانوا يفتقدون إلى الروح القتالية التي يتمتع بها الجزائريون''. المهم أن المواجهة الجزائرية- الإسرائيلية، على الأرض المصرية، تواصلت أيام طوال، أمام دهشة المصريين بتفوق الجزائريين ورغبتهم في ''الاستشهاد'' في سبيل الأرض. حيث تقلصت ساحة القتال إلى أقل من 200 متر بعدما كانت تتجاوز الكيلومترين، واستطاع عمر مفعاش بمعية المقاتلين الجزائريين الآخرين، من إسقاط ضابط في الجيش الإسرائيلي وأسر نقيب. كما يحكي أيضا قائلا: ''بقدرة قادر نجا أريان شارون من كمين نصبناه بالقرب من السويس، حيث كنا نتتبع تحركاته لحظة بلحظة ونصبنا له كمينا نجا منه بأعجوبة''. كما لم يخف الرقيب الجزائري خيبته إزاء التعامل السلبي الذي واجهتهم به القوات المصرية التي لم تمنحهم حتى خرائط المنطقة بغية تجنب التضاريس الصعبة ومعرفة حقول الألغام، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء الجزائريين.
نريد غولدا ماير زوجة لبومدين
يسرد المتحدث نفسه عديد المواقف التي دارت خلال حرب 1973 والتي جمعت بين أفراد الجيش الإسرائيلي وقوات الجيش الجزائري. حيث يذكر: ''كان بعض الإسرائيليين يخاطبوننا، عبر مكبرات الصوت، أحيانا، بالقول أيها الجزائريون أنتم أناس طيبون فارحلوا واتركوا الحرب بيننا، مع المصريين''. فكان المقاتلون الجزائريون يسخرون منهم ويردّون: ''نحن نريد أن تزوّجوا غولدا ماير (رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك) إلى الرئيس هواري بومدين''. حيث كان الإسرائيليين يمارسون الكثير من الأساليب بغية التأثير على نفسية المقاتلين الجزائريين.
سنوات بعد نهاية حرب 1973 وبلوغ مصر مبتغى تحرير سيناء وقناة السويس، حاولت الحكومة المصرية، مطلع التسعينيات، من القرن الماضي، تكريم الذين شاركوا في ''الحرب'' التحريرية المصرية وكان من بينهم عمر مفعاش، الذي نال وسام الصاعقة كأحد أهم المقاتلين في حرب .1973
واختتم عمر مفعاش حديثه بدعوة المصريين إلى إعادة التدبّر واستخلاص الدروس من الماضي. مشيرا إلى امتعاض ''قدامى المحاربين الجزائريين بالشرق الأوسط'' إزاء مواقفهم الأنانية وتحاملهم على الحقائق التاريخية.
0 تعليقات حول الموضوح:
إرسال تعليق