''حكاية بلومي مع المصريين لم تنته، مثلما كان يعتقد الجميع، بفضل الحكومة المصرية، أو أن الطبيب المصري تنازل لوجه الله.. الحقيقة شيء آخر، لقد اشترت الجزائر حرية بلومي المغتصبة بالمال، لقد دفعت 300 ألف دولار ( 4, 2 مليون جنيه) للطبيب أحمد عبد المنعم الذي فقئت عينه.
قال مصدر جزائري مطلع على هذا الملف أن المصريين طلبوا إعطاءهم ''الفلوس'' مقابل التنازل عن الدعوى التي رفعها الطبيب أحمد عبد المنعم ضد بلومي، وأن الرئيس بوتفليقة وافق شخصيا وأعطى الضوء الأخضر لتنفيذ الصفقة وشراء حرية بلومي بالمال. وحسب المصدر السابق ذكره، قال بوتفليقة لمدلسي في مارس 2008 ''اعطولهم الفلوس''..
''طلبوا مليون دولار (8 مليار سنتيم تقريبا)، غير أن الجزائر سلمتهم 300 ألف دولار فقط ( 5,2 مليار سنتيم تقريبا) وقد وافقوا عليه'' يضيف المصدر، وقد تم تسليم المبلغ، ''جنيه ينطح جنيه'' مثلما يقولون، في حفل عشاء نظم في القاهرة في 31 مارس الماضي، حضره مصطفى براف الرئيس السابق للجنة الأولمبية الجزائرية، واللواء منير ثابت، رئيس اللجنة الأولمبية المصرية، والطبيب المصري الذي فقئت عينه، والمحامون الذين صاغوا وثيقة التنازل عن الدعوى.
وكشف المصدر ذاته تفاصيل الصفقة ''سلمهم براف رسالة اعتذار وقعها بلومي، رغم أنه بريء من التهمة، ثم سلمهم مبلغا قدره 300 ألف دولار، وعلى الفور، أخرج الطبيب المصري قلمه من سترة قميصه ووقّع على وثيقة التنازل''.
''الدولار ينطح دولار''
بدأت قصة الفلوس في مارس 2008، فبعد اجتماعات اللجنة المشتركة الجزائرية المصرية في إقامة الميثاق، طلب مراد مدلسي من نظيره المصري أحمد أبو الغيط، التدخل لحل قضية بلومي مع الطبيب المصري، ورد عليه أبو الغيط بالقول ''الحكومة المصرية مستعدة، لكن بعد أن تجدوا حلا مع الطبيب الضحية... إنه يطلب التعويض''. وحسب هذا المصدر وافق بوتفليقة، بعدما نقل له مدلسي مطلب أبو الغيط، على الفور ''أعطولهم فلوس.. يا الله''، وكلفه على الفور بتنفيذ الصفقة.
واستنادا إلى معلومات تم تداولها في مكاتب وزارة الشباب والرياضة، أصرّ المصريون على 1 مليون دولار، إلا أن محمد روراوة أقنع، بفضل علاقته المتميزة (سابقا) بسمير زاهر، المصريين بقبول 300 ألف دولار، وهو ما قبلوا به وقبضوه نقدا، دولار ينطح دولار.
وكان الطبيب المصري أحمد عبد المنعم قد أصيب بشظايا كأس على مستوى العين في بهو فندق الشيراطون بالقاهرة في 17 نوفمبر 1989، بعدما قذفها في وجهه حارس المنتخب الجزائري لكرة القدم كمال قادري، غير أن المصريين رفعوا شكوى لدى الشرطة المصرية ضد بلومي وتمكنوا من محاصرته في الفندق وحاولوا أخذه بالقوة إلى مركز الشرطة، لولا التدخل السريع والفعال للسفير الجزائري في القاهرة محمد الميلي. ونقل مقربون من القائم بالأعمال الجزائري في القاهرة في تلك الفترة، الأمين بشيشي، ما يؤكد مساومة المصريين لمواقفهم بالمال، وسعيهم لبيع قضية الطبيب المصري بالفلوس.
''طلبوا من السفير الجزائري 100 ألف جنيه كفالة مقابل السماح لبلومي بالخروج.. ولم تكن هذه الفلوس متوفرة.. لم يكونوا يتحدثون إلا عن المال.. كانوا يريدون قبض المال بأي ثمن''. وقام والد الضحية، وهو ضابط كبير في وزارة الداخلية، بمنع طائرة الفريق الجزائري من الإقلاع ومنع بعثة الفريق من مغادرة الفندق، وتمسك هو الآخر بمطلب الحصول على ''الفلوس''. أصر هذا الرجل على المطالبة بمائة ألف جنيه على الأقل، وهو مبلغ خرافي بمقاييس تلك الفترة، غير أن تدخل الحكومة الجزائرية أجبر المصريين على السماح للفريق بالذهاب إلى المطار وإعطاء الإذن للطائرة بالإقلاع دون أن تدفع السفارة ''قرشا'' واحدا.
ونقل مقربون من السفير الجزائري السابق في القاهرة محمد الميلي قوله ''طلب الرئيس مبارك من أسامة الباز مستشاره السياسي في ذلك الوقت، السماح للطائرة الجزائرية بالإقلاع، وهو ما تم بالفعل''. وطارت الطائرة في سماء القاهرة الأغبر والرطب فجر 18 نوفمبر 1989، بعد ليلة رعب حقيقية في بهو الفندق وفي صالة المغادرة بميناء القاهرة الجوي.
0 تعليقات حول الموضوح:
إرسال تعليق