إذا كانت الجزائر ظفرت بتذكرة المشاركة في أكبر عرس كروي على سطح المعمورة جوان القادم ببلد مانديلا، فإن ما يعيشه الشارعين المصري والجزائري ويتابعه كل الأشقاء العرب عبر الفضائيات التي تبث من ''النيل سات'' يكتشف لا محال بأن المنتصر في حقيقة الأمر ليست الجزائر ولا مصر وإنما تجار الحقد والضغينة الذين سوّقوا طوال أشهر صورا سوداء عن الشعبين والبلدين، فلم تصمد أمام هذه الاستراتيجية الإعلامية الهدّامة العلاقات والروابط التاريخية التي كانت تجمع الشعبين والبلدين منذ الخمسينات وقبلها بعقود.
لقد وقفنا طوال فترة تواجدنا بعاصمة الأهرامات، على حالة الشعب المصري المتواضع للغاية والذي أبدى عدم استعداده للمساومة بين كرة القدم ولقمة العيش مفضلا هذه الأخيرة نظرا للظروف الاجتماعية القاهرة التي يعيش وسطها أكثر من ثمانين بالمئة من المصريين.
ويجزم أبناء القاهرة البسطاء الذين تحدثنا إليهم بأن شرذمة من رجال المال والأعمال المقربين من العائلة الحاكمة، استنزفوا على مرّ عشريات خيرات بلد الفراعنة من خلال أخذ إتاواة مرور الباخرات العالمية عبر قناة السويس، وهو ما يفسر وجود طبقة جديدة من ''المليارديرات'' الذين استثمروا في العقار وبنوا مدنا سياحية وأنشأوا قنوات فضائية لتسويق صورة مصر الجديدة، وبطبيعة الحال تسيير الشارع المصري من ''المدينة السنيمائية'' المتواجدة على بعد ثلاثين كيلومترا عن القاهرة، بعيدا عن شوارع العاصمة التي يطفو الفقر على سطحها، وتمشي البطالة على قدميها والتي عجز نظام مبارك عن حلها منذ عقود.
الحرب القذرة التي تشنها الفضائيات المصرية هي نتاج لثقافة الحقد والضغينة التي طالما استثمر فيها بعض أشباه الإعلاميين في الجزائر وفي مصر معا، فرغم أن الهدوء كان سائدا في مصر قبل موعد الـ14 نوفمبر إلى غاية وصول المنتخب الجزائر إلى القاهرة، فإن باعة الموت والكره والحقد لم تعجبهم الوضعية المستقرة العادية بين البلدين فظلوا يبحثون عن ''مفرقعة'' تفجر الوضع ولو بالكذب، لأن الكثير من الإعلاميين غير النزهاء وغير المسؤولين سواء عندنا أو عندهم لا يحسنون العمل المهني في ظروف عادية ويصطادون دوما في المياه العكرة، ويتاجرون بمستقبل الأجيال المصرية والجزائرية ليس من أجل تذكرة للمونديال، وإنما من أجل أشياء أخرى بعيدة كل البعد عن الكرة، والتاريخ سيشهد بأن الذين كتبوا كلمة غير صحيحة في أي جريدة هنا وهناك ونقلوا خبرا كاذبا من أجل زرع الفتنة لتسويق منتوجهم الرديء، وروّجوا عبر فضائيات غير مسؤولة لأكاذيب واتهامات وشتائم متنوعة بغرض نشر ثقافة الكره ما هم إلا مرتزقة. التاريخ سيكون شاهدا عليهم حتى وإن كانوا حاليا جد سعداء، لأنهم ببساطة أكبر المنتصرين.
0 تعليقات حول الموضوح:
إرسال تعليق