مصر تضحك العالم بأطول ''مونولوج''

حال وسائل الإعلام المصرية ومن ورائها جمهورية جمال وعلاء مبارك، كحال ذلك الموظف في الصباغة الذي يعود إلى بيته في ساعة متأخرة من الليل بعدما يكون قد شرب الخمرة إلى حد الثمالة، ومن شدة الغضب عما يعانيه في حياته اليومية، يقوم بإشفاء غليله وإخراج مكبوتاته، بصباغة جدران منزله، ولما ينهك كل قواه، يرتمي في الأرض وينام. في الصباح، وقد طارت عنه ''السكرة''، يفاجأ بأن جدران بيته ملونة بطلاء أسود بعدما كانت في الأصل بيضاء. فيقوم المسكين بشتم وسب الذي فعل ذلك، ناسيا أنه هو من فعل.. فيمسك الفرشاة مجددا ويعيد طلاء الجدران باللون الأبيض.. غير أنه في اليوم الموالي يكرر نفس الفعلة وهكذا..
نفس هذا الفعل دخلت فيه وسائل الإعلام المصرية، إلى درجة أنها وصلت بها حالة ''السكر'' إلى حد الهذيان على غرار محاولة كسب تعاطف العرب مع قضيتهم المفبركة حول اعتداءات الجزائريين بالقول ''لماذا يكره العرب المصريين''؟ طرح مثل هذا السؤال لا يترك مجالا للشك في أن الإعلام المصري رسمي وخاص قد أصيب بـ''الزهايمر''. كيف لا وقد دخلت أبواق جمال وعلاء مبارك في إنتاج ''مونولوج'' كتبه مصريون ومثّل فيه مصريون وشهود العيان فيه مصريون والحكام مصريون والمتفرجون مصريون كذلك.. ومع ذلك يطالبون من العالم الذكي أن يصدق سذاجتهم، وكل من يخالف طرحهم يصنف في خانة الخونة والبلطجية والكراهية لمصر.
يا ناس... يا صحفيي مصر واصلوا في هذا ''المونولوج''، لأنكم بصراحة نجحتم في إلهام الشارع الجزائري الذي أنتج كما هائلا من النكت عليكم لم يكن ليتوصل إليها لولا الذي شاهدوه وسمعوه منكم في الفضائيات المصرية. أتدرون أن الجزائري عندما يتعب من الاحتفال بنشوة الانتصار الذي حققه أشبال سعدان على كهول حسن شحاتة، يقول لأصدقائه وهو يودّعهم ''اسمحوا لي أن أذهب إلى البيت لأضحك قليلا على النباح والعويل والبكاء الذي دخلت فيه الفضائيات المصرية بعد نكبة أم درمان''.
كان بودنا أن نقول لكم ''برافو'' استمروا، لكن من شفقتنا عليكم وحبنا للشعب المصري الذي نتمنى له كل الخير، ندعوكم لتحلّوا عن ''سماء الجزائر''، ليس خوفا أو ضيقا من تفاهتكم، لأنها حققت لنا مكاسب وتعاطفا دوليا لم نكن نحلم بتحقيقه في ظرف قياسي، بل لتهتموا بمشاكل المواطن المصري الذي يحتاج لكل دقيقة بث في الفضائيات المصرية، لإيصال انشغالاته وعرض همومه وتحقيق مطالبه.. وما دون العودة إلى ذلك فإنكم ''تحلبون خارج الطاس''.

h-slimane@hotmail.com

0 تعليقات حول الموضوح:

إرسال تعليق