تمكن المنتخب الوطني لكرة القدم من انتزاع تأشيرة الصعود إلى نهائيات كأس العالم 2010 بعد الفوز المدوي الذي أحرزه على حساب منتخب مصر في مباراة الملحق التي استضافها ملعب الخرطوم. وقد بين المنتخب الوطني طيلة مباريات الدورين الثاني والثالث أنه الأجدر بتمثيل عرب إفريقيا في كأس العالم ولا يمكن بأي حال من الأحوال لإعلام الفتنة والحقد في مصر أن يقول غير هذا.
في مونروفيا طلت شمس المونديال
ومنذ أن دخل في مباريات الدور التصفوي الثاني بعد ما أعفي من المباريات التمهيدية، بين المنتخب الوطني أنه مصمم على العودة إلى الساحة الإفريقية ولو من بوابة كأس الأمم، حتى وإن كانت بدايتهم صعبة لما واجهوا منتخب السينغال وخسروا بهدف وحيد، إلا أن "الخضر" تمكنوا من العودة إلى دائرة التنافس بسرعة. وتمكن المنتخب الوطني من الفوز في المباريات الثلاث التي لعبها في البليدة ضد كل من ليبيريا (3/0) وغامبيا (1/0) والسينغال (3/2).، وقد مكنت هذه النتائج "الخضر" من تصدر مجموعتهم واستطاعوا إبعاد منتخب السينغال المرشح الأول للصعود إلى الدور الأخير، وكانت مواجهة ليبيريا في أكتوبر 2008 تاريخية، لأنها عرفت صعود "الخضر" إلى المركز الأول بعد ما فاجأ الغامبيون اسود السينغال وفرضوا عليهم تعادلا أقصاهم من السباق.
من كيغالي إلى الخرطوم.. طريق النصر
واجه المنتخب الوطني كل المتتبعين والملاحظين الرياضيين بالوجه الجديد الذي أظهره في الدور الأخير من التصفيات. وبعد مباراة أولى في كيغالي يوم 28 مارس 2009 أنهاها بالتعادل الأبيض ضد منتخب رواندا، رفع "الخضر" من نسق التنافس في مباراة مصر يوم السابع جوان وضربوا بقوة أذهلت المنافس وكل المتابعين للشأن الكروي. وبعيدا عن النتيجة المسجلة، أبان المنتخب الوطني عن نضج تكتيكي عال وتماسك كبير بين كل خطوطه، وكان الفوز على مصر بمثابة القوة الدافعة التي غيرت أهداف المنتخب التي كانت - والحقيقة تقال - لا تتجاوز التأهل إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية. ويبقى فوز المنتخب الوطني على أرض زامبيا، نقطة تحول كبيرة أعادت ترتيب الأمور في المجموعة الثالثة التي بات فيها المنتخب المصري في وضع المنتخب الجريح الذي يحاول البقاء في دائرة التنافس بأي ثمن. وكان من الطبيعي أن يواصل المنتخب الوطني سيطرته على بقية منافسيه، ففاز على زامبيا بهدف وحيد، ثم استقبل رواندا في مباراة كان بإمكانه أن يحسم فيها تأهله لولا ضعف التحكيم الذي ميز تلك المباراة.
"الخضر" تحدوا المصريين.. وتخطوا جحيم القاهرة
ويبقى أفضل ما حققه المنتخب الوطني في هذه التصفيات هو التحدي الذي رفعه في ملعب القاهرة الذي بات يسمى بملعب الموت بدلا من ملعب زامبيا. ولما نعرف الظروف التي أحاطت بمباراة الرابع عشر نوفمبر، من اعتداء على اللاعبين الجزائريين والمناصرين الذين عاشوا الجحيم في شوارع القاهرة. وبالرغم من السيناريو الجهنمي الذي سطره سمير زاهر وعصاباته، فقد تمكن الخضر من اللعب بشجاعة كبيرة وبينوا للمصريين بأنهم لا يخشون أحدا لما تكون الظروف مواتية لإجراء مباراة رياضة في كرة القدم. ومهما قيل عن مباراة القاهرة، فإن الخضر برهنوا لسمير زاهر وعصاباته والإتحاد الدولي لكرة القدم بأنهم يملكون الطاقة الضرورية لمواجهة المنتخب المصري الذي أراد مسيروه الفوز بالطوب بدل الكرة والإهانات والشتيمة بدل الجهد على أرض الملعب.
الفراعنة اختاروا الخرطوم.. فدفنوا في رمالها
وكانت مباراة الخرطوم وهي الثالثة عشرة التي لعبها الخضر منذ بداية التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2010، وقد برهن فيها "الخضر" على أنهم كانوا أقوى من المنتخب المصري طيلة التصفيات رغم تمكن هذا الأخير من اللحاق بالخضر في الترتيب النهائي. وكان المدرب سعدان ولاعبيه قد قالوا بأن مباراة الخرطوم ستكون مباراة أخرى من جميع النواحي. وكان من الواضح أن اللقاء الفاصل ستحيط به ظروف مغايرة تماما لتلك التي عرفها ملعب القاهرة، فقد تحرر "الخضر" من الضغط المفرط والتهديد الذي تعرضوا له من المصريين منذ لحظة وصولهم إلى القاهرة. كما كان من المؤكد أن المنتخب المصري سيفقد الكثير من وزنه لما تلعب المباراة خارج ملعب القاهرة. وقد استطاع المنتخب الوطني في المباراة الفاصلة من الفوز بهدف نظيف وجميل وقعه عنتر يحيى قضى به على أحلام الفراعنة الذين ظنوا عبثا بأن نقل المباراة إلى الخرطوم ستكون في صالحهم، لكن حقيقة الميدان كانت شيئا آخر ودفن الفراعنة في الأرض التي اختاروها.
سعدان جدد الأمل.. وحقق الحلم
لا بد من القول أن تأهل المنتخب الوطني للمرة الثالثة إلى نهائيات كأس العالم هو انجاز كبير للكرة الجزائرية. فقد وضعت مباراة الخرطوم حدا لسنوات عجاف شق فيها الخضر الصحراء لمدة عشرين سنة. وشاءت الأقدار أن يعود المدرب رابح سعدان إلى "الخضر" ويؤهلهم إلى المونديال من جديد، ليكون من بين المدربين القلائل في العالم الذين أهلوا منتخباتهم إلى النهائيات ثلاث مرات 1980 ـ 1986 و2010، كما أن التأهل إلى كأس العالم لم يأت في الحقيقة من عدم، ولم يكن ضربة حظ كما يحاول الإعلاميون المصريون تصويره عبثا .ولا بد أن نعترف للاتحادية الجزائرية لكرة القدم والتنظيم الجديد للمنتخب الوطني الذي وفر الكثير من الجهد على الطاقم الفني وأعاد تحديد المهام، زيادة عن توفير كل الإمكانات الضرورية لوضع القدم الأولى على طريق الإحتراف.
0 تعليقات حول الموضوح:
إرسال تعليق